تغطية مباشرة

المهنة: وكالةٌ رسمية لقلة الأدب..

أخبار
الخميس ٢٩ فبراير ٢٠٢٤
14:02
استمع المقال
بلال مرميد،  مسؤول القسم الثقافي بميدي1 ميدي1تيفي
استمع المقال

بصدق، صار الأمر مثيراً لكثير من شفقة، بعد أن كان يضحكنا قليلاً في الماضي. هناك فرق كبيرٌ بين غياب المهنية، وبين من يستعين بمستشارين إعلاميين لم يسبق لهم أن خبروا أصلاً معنى المهنية.

مناسبة هذا الكلام، ما بعثه لي زميل جزائري أول أمس. رابط لشيء غريب، نشرته وكالة الأنباء الرسمية لبلده. شيء ما هو بالمقال، وما هو بالقصاصة، وما هو بالركن، وما هو بالتقرير. شيء غريبٌ له علاقة بكل الحقول الدلالية للسب والشتم والكلام الساقط وابتداع الأزمات الوهمية مع المغرب، وهو بعيدٌ كل البعد عن صحافة الوكالة.. هو بعيدٌ باختصار عن الصحافة.  

تحت الرابط، كتب الزميل سطراً يتبرأ فيه، مثلما يتبرأ أغلب الجزائريين مما يقترفه إعلام ممول بمالهم العام. حين تضيق بهم السبل، يلصقون جرادهم، وحرائقهم، وهزائمهم الكروية، وطوابيرهم الطويلة، وضعف سينماهم، ووهن قنواتهم، ومحاولاتهم الفاشلة للتمويه بخصوص موعد الاستحقاق الرئاسي، وصراعاتهم الخارجية والداخلية، وكل آفاتهم ومشاكلهم بذلك الآخر. يجترون نفس الشتائم، وبنفس الكلمات، وبنفس كتبة الكلمات، الذي يتفنون في نفس الركاكة، في حديثهم عن المغرب. 

أخبرت الزميل الجزائري بأنه غير مضطر للإعتذار، لأن ما حمله ذلك الشيء الذي نشرته وكالة بلاده لا يمكنه أن يقنع عاقلاً جزائرياً. كل الأجانب أرهقتهم السخرية مما يقترفه الإعلام الجزائري، إن جاز لنا أن نسميه إعلاماً، وبلغة لبقة تتلاءم مع تربيتنا نحن المغاربة، ذكَّرته بأننا لم نعد من زمان ننتبه لما يتفوه هؤلاء، وأضفت سطراً واحدا يحمل  إشارة إلى أن مثل هذا الكلام القبيح الذي صدر عن وكالة أنباء رسمية، موجهٌ أساساً للاستهلاك الداخلي هناك في الجزائر. في مجال التواصل الذي لا يتقنه هؤلاء الكتبة، هناك قاعدة تقول بأن الأحمق هو أكثر من يعاني من حمقه، وبأن محاولات التمويه بخصوص تأجيل انتخاباتهم الرئاسية، لا تعني أي مغربي في شيء. هي مناسبة لكي أضيف في ركني هذا سطوراً موجهة للإخوة العقلاء هناك، وهم يثقون في مصداقية ركن مثل ال"سي بي إم" (أكثر بكثير مما يثقون في وكالتهم التي لا تنبئ بشيء)، بأننا هنا لا ننتبه نهائياً للشتائم والسباب والذم، ولا لمديحهم وثنائهم. هنا اقتنعنا منذ مدة بعد أن عاينا مرات كثيرة قلة أدب كثير من وسائل إعلامهم الرسمية، بأنه من الأفضل لنا أن ننأى بأنفسنا عن مشاحنات فارغة. 
 
الجهل بلاء.. الجهل فعلاء بلاء. طيب، ما الذي ستحمله الحلقة المقبلة من سيتكوم الإخوة الجزائريين في وكالتهم وقنواتهم وجرائدهم الرسمية؟ هم لا يضحكوننا، و لا يضحكون بقية البلدان الأخرى، ولا  يضحكون المواطن الجزائري العاقل. وكالة أنباء الجيران يمكنها أن تكتب ما تشاء، لأن الناس في كل البقاع صاروا على اقتناع تام بأن شمسنا تشرق من مغربنا، وبأن الحملات الرخيصة، أسلوب قديم ومتجاوز منذ عقود. أمور الجزائريين تعني الجزائريين، والمواطن هناك لا يقرأ حماقات الوكالة الرسمية، بل ينتظر أن يعرف مصير الاستحقاق الرئاسي، أما البقية فهي مجرد تفاصيل. هنا في المغرب، لا موضوعهم الرئيسي، ولا تفاصيلهم تعنينا نهائياً. هم ببساطة، يمنحون مواطنهم الجزائري فرصة فاشلة للسخرية من الكذب و البهتان و الافتراء. بالنسبة لنا، هذا الأسلوب القديم والبالي، لم يعد يضحكنا من زمان. الحماقة داء ليس له دواء أيها السادة، ولا يمكن أن تجادل الأحمق، لكي لا يخطئ الخلق في التفريق بينكما.

متى سيوقفون هذه المهازل؟ لا أدري.. هي مشكلتهم، ونتمنى للمواطن الجزائري الصبر على بلاء الدنيا ونكبات الأيام، أما وكالتهم الرسمية فما عليها سوى الاجتهاد في السب والشتم حتى يعرفها الناس أكثر. ألاعيب البؤساء، لا يحق لي أن أمنحها أكثر من هذا الحيز. آخر الكلام في ركن اليوم، الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا.. ثم ماذا بعد؟ و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً.