تغطية مباشرة

قلتم إعلام ثقافي؟

ثقافة
الثلاثاء ٠٩ مايو ٢٠٢٣
12:50
استمع المقال
قلتم إعلام ثقافي؟
ركن بلال مرميد، رئيس القسم الثقافي بميدي1 وميدي1تيفي
استمع المقال

تصمت لفترة، وتتابع ما يجري ويدور، وأنت على علم مسبق بكل التفاصيل التي تهم الحرفة، لأنك أنت من يمارسها في أرض الواقع.

الآخرون يتكلمون عنها، ويقدمون النصائح التي لا يطبقونها، وأنت تتفنن في ارتكابها بكل حب.

هناك من يصرخ كثيراً، لكن الأمر لا يثيرني نهائياً. في المرحلة التي نعيشها حالياً، نحتاج ممارسين مهنيين للحرفة، لأننا لا زلنا نراوح مكاننا. في مجال تخصصي الذي يحق لي أن أبدي فيه الرأي، أعتقد بأننا نحتاج لإعلام ثقافي حقيقي، لأن نشر الثقافة هو ما نحتاجه لتقويم كثير من اختلالات، وقطع الطريق أمام فئات من الجهلة، وتحقيق ذلك التغيير الذي حلمنا به منذ عقود. مشروع ثقافي متكامل، يحرك عجلة إعلام ثقافي مبني على أسس سليمة. طرق كثيرة انتهجت عند الآخرين، ونقلت بعضها في أركان عديدة، ومنها التطبيق المتقطع المبني على توحيد قوائم الاشتغال على الفعل الثقافي في الإعلام، أو التطبيق المستقل القائم على تنويع وسائل الاشتغال على الحدث الثقافي في الصحف والقنوات والإذاعات.

طريقتان من ضمن طرق أخرى سبق وشرحت تفاصيلها في لقاءات عديدة في الدار البيضاء وفي مراكش أو في الرباط.

هناك من عبروا نحو التخصص الدقيق، ونوعوا أساليب إيصال الخبر الثقافي للجمهور، فيما لازال التخصص عندنا غير قابل للتطبيق في الوضع الحالي.
أمور كثيرة تستحق التقويم، وعملية التصحيح عندنا تتطلب تركيزاً كبيراً تفادياً لارتكاب غلط لا يغتفر. نحتاج ملاحق ثقافية حقيقية بتصور يساير العصر، ونحتاج قنوات تلفزية وإذاعية ثقافية حقيقية، ونحتاج عارفين حقيقيين يشتغلون ولا ينظرون في الفراغ الذي ينتج الفراغ.

نحتاج أقساماً ثقافية، تسهر على برامج تتضمن ربورتاجات وتحقيقات وحوارات في الثقافة، بعيداً عن المجاملات التي أرهقتنا، والأساليب البالية التي عفا عليها الزمن من زمان.

أبحث من زمان على من يرفع الإيقاع قليلا، لكي أواصل بنفس الرغبة التي كانت تلازمني وترافقني في مرحلة ما.

حالياً أشاهد كثيراً من أشياء قبيحة ولا أعيرها أدنى اهتمام، وتبلغ مسامعي تصرفات مثيرة للضحك، لكني لا أضحك، لأني أصبحت بدوري أتساهل نسبياً مع الرداءة، ولدي علم بكل مطالب المحتجين والمنددين والمدعين، من مشعوذين وتافهين أراهم يكثرون مؤخراً من البكائيات بأسلوب رخيص.
تصمت لفترة، وتتفادى أن تدخل في صراعات غير مفيدة، لكن حين ترى بأم عينك بأن هناك من يمعنون في الخطأ، تضطر لتقطع فترة الصوم عن الكلام.

كل الكلمات في هذا الركن محسوبة، وبإمكاني أن أشرح كل سطر منها في الوقت المناسب. في الوقت الراهن علي أن أواصل فعل المشاهدة والاستماع ولو على مضض إلى حين. أرى إعلاميين محسوبين على الثقافة، ولا علاقة لهم بالإعلام ولا بالثقافة، وأرى منظمي مهرجانات فاسدة يوزعون الدعوات على بعضهم، ويحضرون مواعيد تنظم فيها نقاشات تجتر مضامينها منذ عقود.

أرى، وأترقب، وأحاول أن لا أكسر قلمي قبل أن اسكب مداد قلمي في المستقبل.
 باختصار شديد، نحتاج من يساعد ويساند في الرقي بالإعلام الثقافي، وممارسته، والترويج له. لا نحتاج من يستأسد بالكلام الفارغ خدمة لمصالح ضيقة. تعبنا أيها الإخوة، ونريد إنقاذ الحرفة، من خلال ممارستها بقواعدها.

لا نريد من يرفع الشعارات الفارغة.. بهذا الإيقاع، ستجعلون المجتهدين على قلتهم ينسحبون. شخصياً، صرت أفكر في الأمر. على ما يبدو، بدأت والله أعلم أفقد نسبياً الأمل، مع التحية للجميع، والسلام.