أبطال في مأساة ريان .. جوانب مشرقة في عتمة الأحزان

مجتمع
الأربعاء ٠٩ فبراير ٢٠٢٢
19:58
استمع المقال
أبطال في مأساة ريان .. جوانب مشرقة في عتمة الأحزان
medi1tv.com
استمع المقال

"هناك أبطال عظماء في كل الأجيال" مقولة شهيرة رددها كثيرون، احتفاء واعترافا بنبل وشجاعة وتضحية الأشخاص الذين قدموا مجهودات وضحوا بالغالي والنفيس من أجل الآخرين، ولضمان مستقبل أفضل للأجيال .

وسط الأحزان وزحمة الأخبار المقلقة، قدم مجموعة من الأبطال، المساعدة لإنقاذ الطفل ريان الذي سقط في بئر مجاور لمنزل عائلته.

أبطال وضعوا حياتهم وأبنائهم جنبا، وتقدموا بكل جرأة وشجاعة بشهامة الرجال، كانوا سباقين للمساعدة في عملية الحفر على مدار خمسة أيام بليلها ونهارها.

 

"عمي علي الصحراوي"

علي الجاجاوي مواطن مغربي في الخمسينيات من عمره، من سكان مدينة أرفود بالمملكة المغربية، يمارس منذ أزيد من 20 عاما مهنة حفر الآبار بطرق تقليدية يدوية إلى جانب عمله في مجال البناء، يلقب بـ "العم علي الصحراوي" ويشتهر بحرفيته العالية في حفر الآبار يدويا.

كان يشتغل في البناء بمنزل عم الطفل ريان أياما قليلة قبيل حادث سقوط الطفل ريان، وبعد الانتهاء شد الرحال في اتجاه منزله ليتلقى اتصالا مفاده أن هناك شخصا سقط في البئر ليعاود عمي الصحراوي الاتصال بعم ريان، ليخبره أن الطفل هو ابن أخوه فرجع إلى المنطقة ليتفاجأ بحجم الحشود المجتمعة في مكان الحادثة.

لبى عمي علي الصحراوي نداء الإنسانية، ولم يتردد في تقديم المساعدة والتضامن مع المغاربة في محنة الطفل ريان من أجل إنقاذه فتسلح بالعزيمة والإرادة من أجل مباشرة الحفر اليدوي في الأمتار الفاصلة عن الطفل ريان، ليستلم بعد ذلك  فريق متخصص من الوقاية المدنية مهام استكمال حفر هذه المسافة الحرجة التي تتطلب خبرة وحذرا شديدين لتفادي أي انهيار للأتربة على الطفل.

بعد استكمال الحفر ظل "عمي علي الصحراوي" متواجدا إلى جانب المتطوعين، بمكان الحادثة ولم يرغب في المغادرة قبل إخراج الطفل ريان.

تحدى خطر الموت لإنقاذ الطفل ريان، نال الإشادة رفقة عدد ممن ضحوا بحياتهم في محاولة لتحقيق المعجزة في واقعة مأساة ريان ساعات من الحفر و الجهد دون أكل و لا نوم.

حظى العم على الصحراوي باهتمام وثناء واسع نظرا لحرصه على المساهمة بخبرته الطويلة فى مجال الحفر وكان همه الشاغل إنقاذ الطفل ريان حيا يرزق.

 

سائقو الجرافات 

على مدار خمسة أيام عمل سائقو الجرافات ووصلوا الليل بالنهار، من أجل إخراج الطفل ريان من البئر، كان عملهم بشكل دقيق،  بكل عزيمة وصبر تابعوا عملية الحفر.

 ورفض سائق إحدى الجرافات العاملة على قدم وساق طيلة الثلاثة أيام  التوقف عن العمل الشاق لأخذ قسط من الراحة رغم العياء والتعب الشديدين اللذين نـالا منه، لكن الإنسانية والروح الطيبة كانت الحاسمة واستلهم منها من أجل متابعة الحفر.

نال سائق الجرافة إشادة واسعة من طرف المغاربة، وحظيت صورته التي تم تداولها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، إعجاب العديد وفي تصريح لأحد المنابر الإعلامية قال سائق الجرافة الذي تكلف بالحفر "ماغادي نتوقف حتى نخرج ولدي ريـان حي يرزق".

 

مختلف فرق الإنقاذ

تولت عناصر الوقاية المدنية، والهلال الأحمر، والسلطات المحلية، والدرك الملكي، والمهندسون الطبوغرافيون، وغيرهم من الفعاليات المدنية، على مدار خمسة أيام مهمة واحدة، وهي المساهمة إخراج الطفل ريان، مسخرين بذلك جهود متواصلة ودؤوبة للوصول إليه في البئر الذي سقط فيه على عمق 32 مترا.

لتتمكن  فرق الانقاذ من الوصول إلى جثة الطفل ريان وإخراجها بفضل عمل ميداني شاق ومضني وبدون انقطاع ولا توقف دام طيلة خمسة أيام.

مجهودات جبارة من طرف عناصر الوقاية المدنية وفرق الإنقاذ، نالت إعجاب وإبهار العالم بأسره بعد أن قدموا مثالا يحتذى به في القيم الإنسانية والتآزر والتفاني اللامتناهي وبدون مقابل.
 

متطوعون غامروا بأرواحهم من أجل ريان

خاض متطوعون مغامرة استثنائية،  من أجل الوصول إلى الطفل ريان ولم يترددوا في النزول إلى  بئر قطره ضيق لا يتجاوز 30 سنتمترا علما بأنه يزداد ضيقا عند النزول.

تقدم العديد من الشباب من أجل التطوع والنزول لإنقاذ الطفل ريان، وكان من أبرز المتطوعين المتخصص في الاستغوار، الشاب عماد فهمي الذي تمكن من النزول إلى البئر إلى عمق 28 مترا لكنه لم يستطع مواصلة عملية الإنقاذ، بالرغم من سماعه صوت الطفل ريان وتجاوبه معه.

 

 

خلف حادث وفاة الطفل ريان الذي قضى بعد سقوطه في بئر بجماعة تمروت بنواحي شفشاون تضامنا وتعاطفا واسع وإشادة كبيرة بجهود فرق الإنقاذ التي شكل تدخلها لخمسة أيام دون انقطاع في ملحمة إنسانية نبيلة بطلها الطفل ريان.

وتم في جنازة مهيبة بجماعة تمروت إقليم شفشاون تشييع جثمان الطفل ريان أورام الذي وافته المنية بعد سقوطه في البئر.

ووري جثمان ريان الثرى بمقبرة الزاوية بدوار داروتان العليا بعد صلاتي الظهر والجنازة، بحضور عائلة الفقيد وجمع غفير من سكان المنطقة والجماعات الترابية المجاورة.

وكان بلاغ للديوان الملكي أعلن أنه على إثر الحادث المفجع الذي أودى بحياة الطفل ريان أورام، أجرى الملك محمد السادس اتصالا هاتفيا مع خالد أورام و وسيمة خرشيش والدي الفقيد.

وبهذه المناسبة المحزنة أعرب الملك محمد السادس عن أحر تعازيه وأصدق مواساته لكافة أفراد أسرة الفقيد في هذا المصاب الأليم، الذي لا راد لقضاء الله فيه، داعيا الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جنانه، وأن يلهم ذويه جميل الصبر وحسن العزاء، في فقدان فلذة كبدهم.

وأكد الملك محمد السادس  بأنه كان يتابع عن كثب تطورات هذا الحادث المأساوي، حيث أصدر تعليماته السامية لكل السلطات المعنية، قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة، وبذل أقصى الجهود لإنقاذ حياة الفقيد، إلا أن إرادة الله تعالى شاءت أن يلبي داعي ربه راضيا مرضيا.